:السؤال 208
«هل في المسيحيّة أصوليّون يريدون تأسيس دولةٍ دينيّة؟».
الجواب: أجل، هناك أصوليّون بين المسيحيّين، ولكن ما من واحدٍ منهم يقترح تأسيس دولةٍ دينيّة.
«فحتّى وإن بدت الأصوليّة في أيّامنا مشكلة خاصّة بالإسلام، فإنّ المفهوم والظاهرة تجد أصولها في السياق المسيحيّ في القرنين التاسع عشر والعشرين. [...] ظهرت المشكلة الأصوليّة أوّلًا وخصوصًا في الجماعات المسيحيّة بأمريكا الشماليّة، الّتي اعتمدت على روايات الخلق في الكتاب المقدّس، وعارضت بحزمٍ نظريّة التطوّر لداروين، فحمت نفسها تمامًا من الخارج ومن العالم الحديث. بيد أنّ الأصوليّة تجربة تتعرّض لها كلّ ديانة وكلّ رؤية للعالم، طالما أنّ هذه تدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة. إنّها نوعًا ما تجربة الإنسان المتديّن الأوّل الّذي يفتّش عن جوابٍ نهائيّ. ويمكننا إظهار هذا بوساطة نمطين نموذجيَّين وكاريكاتوريّين بالضرورة للأصوليّة المسيحيّة.
الاختلافات ذات الطابع البروتستانتيّ لفهمٍ أصوليّ للمسيحيّة تُصاغ هكذا: هذا الشيء صحيح لأنّه موجود حرفيًّا في الكتاب المقدّس؛ وبالعكس، تقول الاختلافات الأصوليّة ذات الطابع الكاثوليكيّ بأنّ هذا الشيء صحيح لأنّ البابا قاله. الأصوليّة الأولى تُسمّى عادةً كتابيّة، والثانية ترى نفسها مؤسّساتيّة أو كنسيّة إيجابيّة. فالحقيقة الدينيّة، أو الحقيقة فقط، تُساقُ بهذه الطريقة إلى نوعٍ من تقليدٍ أو بشكلٍ أدق إلى نوعٍ من السلطة. ولا يمكن التساؤل نقديًّا. هذا يعني أنّ النقد أو القدرة على طرح أسئلةٍ نقديّة، والتفكير بالعقل البشريّ، غير مقبول في مسائل الدين أو النظرة إلى العالم. والإيمان في آخر الأمر هو إيمان بسلطة محدّدة منغلقة عن كلّ تأثيرٍ للعقل. وهذا يحدث في غالب الأحيان في جماعةٍ يمكننا تحديدها بوضوح، منغلقة وخاضعة لسلطان استبداديٍّ لقائدٍ مواهبيّ. فيتحوّل الدين بهذه الطريقة إلى جماعةٍ منفصلة تمامًا عن سائر العالم وعن المجتمع» (Karsten Kreutzer, art. „Fundamentalismus in: A. Franz/W. Baum/K. Kreutzer (Hrsg.) Lexikon philosophischer Grundbegriffe der Theologie. 2ème édit revue. Freiburg: Herder, 2007.).