لمَ يمنح المسيحيّون أمّ يسوع مكانة مساوية لله؟

أوّلاً، ينبغي التأكيد على أنّ أمّ يسوع ليس لها في الإيمان المسيحيّ مكانةً مساوية لله. فمكانة مريم في الإيمان المسيحيّ يرتبط حصرًا بيسوع مخلّص البشريّة، وبأهمّيّة مريم كي تفهم الكنيسة نفسها. فمريم إنسانة بالكامل لبّت دعوة الله من دون تصوّر أنّها جزء من الواقع الإلهيّ. فالله لا يعمل بدون قبولٍ حرٍّ ومشيئةٍ حرّة لدى الناس، كما تُظهِرُ ذلك كلمة «نعم» التي قالتها مريم للملاك المُرسَل إليها. هذا يعني بشكلٍ طبيعيّ أنّ مريم ليست إلهًا (كما ما ورد في القرآن، سورة المائدة 116 ولعلّها تشير إلى مجموعة مسيحيّة كافرة عبدت مريم).

جميع المسيحيّين يكرّمون مريم لأنّها أمّ يسوع، ويؤمنون بأنّ طاعتها لله هي مثال للمؤمن المسيحيّ. ففي غالبيّة الكنائس، مثلاً في الكنيسة الكاثوليكيّة، يتمّ تكريمها (وليس عبادتها) كأمٍّ لله، وأمّ للكنيسة. ولا ينبغي فهم لقب أمّ الله بالمعنى البيولوجيّ أو الشرك. أمّ الله تعبير لاهوتيّ حول يسوع المسيح (وليس حول مريم)، ويشير إلى مفهوم المسيحيّة بأنّ الله صار بشرًا. وقد اختارت الكنيسة الأولى هذا اللقب المثير عمدًا لتشجّع الناس على التفكير بطبيعة يسوع المسيح الحقيقيّة. ويمكننا أن نجد تفسيرًا واضحًا لهذه المسألة في الجواب عن السؤال 71 في الموقع. ومريم هي أمّ الكنيسة لا لأنّها كانت مع الرسل محور جماعة المؤمنين الجديدة وحسب، كما ورد في كتاب أعمال الرسل (1: 12-14). إنّها أيضًا أمّ الكنيسة لأنّها نظّمت حياتها كلّها بحسب مشيئة الله. وكلمات يسوع تنطبق عليها: «طوبى لمَن يسمع كلام الله ويعمل به» (لوقا 11: 27-28؛ راجع 8: 21). والكنيسة أيضًا لها أهمّيّة إذا سمعت كلمة الله، وإذا ركّزت على الله وحده، وإذا لم تعمل انطلاقًا من قدرتها وحسب بل من قدرة الله. ولكن بغضّ النظر عن كلّ لاهوتٍ، رأى المؤمن البسيط على الدوام مريم من خلال القلب والمشاعر. فهي في نظر كثيرين صورة عن الرجاء، لأنّ المؤمنين حين ينظرون إلى مريم يختبرون المؤازرة مع ألم رحمة الربّ ورجائها. لذلك يلتفت كثير من المتألّمين إلى مريم كمحامية عنهم، من دون أن يؤمنون بها على أنّها إلهة. صحيح أنّ بعض الممارسات قد يُساء فهمها وحتّى إنّها تتخطّى الحدود. فالكنيسة حاولت على الدوام أن تحافظ على الحدود، وأن تأخذ في الآن نفسه آمال الناس ومخاوفهم على محمل الجد. فالتوازن بين التعليم اللاهوتيّ الصحيح وتقوى الناس هو معضلة كثيرٍ من الديانات وليس المسيحيّة والإسلام فقط.