«هل للشموع رمزٌ خاصّ للمسيحيّين حيث إنّ الكنائس تستعمل الشموع حتّى الآن؟».

الجواب: إنّ الانتشار السريع لاستعمال الشموع في الليترجيّة المسيحيّة منذ القرن الأوّل الميلاديّ يعود أساسًا إلى قوّة المعنى الرمزيّ للشموع المشتعلة. كتب اللاهوتيّ رومانو غوارديني Romano Guardini في كتيّبه (العلامات المقدّسة): «إنّ أعمق معنى للحياة هو بالضبط إفناء الذات لأجل الله في الحقّ والمحبّة، كما تفنى الشمعة في النور واللهب».

في القرن السابع الميلاديّ، كتب إيزيدوروس الأشبيليّ ما يلي: «في أثناء القدّاس، تكون الشموع مشعولة علامةً على الفرح، كي يظهر النور الوارد ذكره في الفصل الأوّل من إنجيل يوحنّا من خلال علامة النور المرئيّ: «فيهِ [أي يسوع المسيح كلمة الله] كانَتِ الحَياة والحَياةُ نورُ النَّاس، والنُّورُ يَشرِقُ في الظُّلُمات ولَم تُدرِكْه الظُّلُمات [...] كان النُّورُ الحَقّ الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان آتِياً إِلى العالَم» (يوحنّا 1: 4، 5، 9).

تشغل الشموع في كنائس المسيحيّين منذ البداية محلًّا خاصًّا. ففي كلّ احتفال صلاة، تنير الشموع الممشوقة المذبح. ونجدها أيضًا في أثناء السنة الليترجيّة: الشموع الأربع لإكليل زمن المجيء، الشمعة الفصحيّة، الشمعة المعطاة في التناول الأوّل، وهذه بعض من الأمثلة. إنّ الشموع المشعولة أمام صورة العذراء أو القدّيسين هي علامات على الصلاة والتقوى. وكثير من الناس متآلفين مع هذه العادة المتأصّلة بعمق، وهي أن يُشعلوا قناديل زيتٍ على القبور ذكرى للموتى.

ولكن في الثقافة الوثنيّة القديمة، كانت تُشعَلُ «نار مُحكمة» إكرامًا للآلهة، وسبّب هذا جدالًا بين المسيحيّين الأوّلين: فقد رأى بعضهم أنّ الشموع تفيد فقط للإنارة في احتفالاتهم بسبب هذه الرمزيّة الوثنيّة، ورأى آخرون بالعكس أنّ هذا النور هو علامة احترامٍ للربّ. ألم يصف المسيح نفسه بأنّه «نور العالم»؟

في أيّامنا، تتخطّى السمة الرمزيّة للشموع إطار المسيحيّة. ألا يرى جميع الناس في شمعةٍ مشتعلة رمزًا للسلام أو الرجاء أو نداء؟ ففي الفترات المؤلمة من تاريخ العالم نضع ‘لى عتبات نوافذنا شموعًا علامةً على الأخوّة؛ نحملها في الشوارع، ونتذكّر بفضلها ضحايا العنف الأعمى (مستوحاة من الموقع: www.kerze-online.de)