:سؤال 305
كيف تفهمون التأكيد التالي في رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيليبّي الفصل 2 الآية 6: «فمع أنّه في صورة الله، لم يعُدَّ مساواته لله غنيمة» بالارتباط مع إنجيل يوحنّا الفصل 1: 1-3: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، والكلمة هو الله. كان في البدء لدى الله، به كان كلّ شيء، وبدونه ما كان شيء ممّا كان»؟
:الجواب
أرى في هذا المقطع من الرسالة إلى أهل فيليبّي تأكيدًا أساسيًّا على طريقة كون الله إلهًا: الله لا يحتاج إلى أن يضع ألوهته في مواجهةٍ مع قوى أخرى. ولا يفرض أيضًا الإقرار ولا يتدخّل ليعاقب حين لا يُقَرُّ به. الله هو الله في أنّه يظهِرُ نفسه للناس كخادمٍ، وكصديق. وهذا لا يقلّل ألوهته حين يظهر في العالم كخادم، كما يصف النبيّ أشعيا ذلك في نشيد عبد يهوه (مثلاً أشعيا 50: 4-9).
هذا يعني أنّنا حين نستعمل مفاهيم القوّة البشريّة نفهم الله بشكلٍ منحرف. الأصح هو أن نفهمه بذلاً للذات، ديناميكيّة دائمة تتخطّى ذاتها في الآخرين. وقد سمّاه المتصوّفون النور الفيّاض، الحبّ الذي يشمل كلّ شيء. هذا بالضبط منطق الله، اللوغوس (الذي يعني «الكلمة»). وهذا ما يعنيه مقطع إنجيل يوحنّا: في حياة يسوع التاريخيّة وعمله وموته وقيامته أظهر الله مَن هو فعلاً: إنّه المحبّة التي تشمل كلّ شيء. لكنّه لم يقرّر هذا في لحظةٍ تاريخيّة بتجسّده، بل كان كذلك منذ البدء. كلمته، منطقه منذ البدء هو أن يكون محبّة. به، كلوغوس، كان كلّ شيء.