:السؤال 176
«كيف نعرف أنّ يسوع ولد في 25 كانون الأوّل (ديسمبر)، في حين أنّه، من ناحية النقد التاريخيّ، ليس لدينا حتّى رقمًا للإشارة إلى سنة مولده؟».
الجواب: إنّ اليوم المحدَّد لميلاد يسوع غير معروف. ولم تكترث المسيحيّة في بدايتها لهذا التاريخ. ولم تحتفل إلّا بعيد الفصح فجعلت منه ذكرى مجمل الحدث السرّيّ الّذي يمثّل حياة يسوع للمؤمنين المسيحيّين. ولكن في القرن الثالث، ظهرت الرغبة في الاحتفال بأصل يسوع بطريقةٍ منفصلة. إنّه المسار نفسه الّذي نلاحظه في ولادة الروايات الإنجيليّة: أوّلًا الأفعال الخلاصيّة العظيمة ليسوع البالغ، المسيح، وثمّ، لاحقًا، الرغبة في «صعود المجرى» وتأمّل ما جرى في البداية. وإذ لم يعرفوا تاريخ ولادة يسوع، كانوا أحرارًا في اختيار أكثر التواريخ معنًى. فأخذوا بعفويّةٍ اليوم الّذي تبدأ فيه ساعات النهار بالازدياد. 25 ديسمبر (كانون الأوّل) و6 يناير (كانون الثاني) صارا بهذه الطريقة تاريخا ذكرى، تاريخ أولى ظهورات يسوع. وبعمل ذلك حلّ العيد المسيحيّ محلّ العيد الوثنيّ. ولكنّ هذا الأمر ثانويًّا. فالأعمق من ذلك هو أنّ السبب أبسط ويرتبط بالطبيعة البشريّة. حين يأتي النور الجديد إلى الطبيعة، يُحتفَلُ بالنور الجديد الّذي لا يُطفأ. إنّه النور الروحيّ. الإيمان المسيحيّ يحبّ الطبيعة وينضمّ إليها راضيًا، لكنّه ليس ديانة طبيعيّة. فولادة يسوع حدث تاريخيّ. وهو بداية حساب كلّ التاريخ المسيحيّ. السنة 1 هي ولادة يسوع، رؤية رائعة قام بها الراهب ديونيسيوس إكزيغو الصغير في القرن السادس، فجعله مكان التعداد القديم للسنوات، وكان انطلاقًا من تأسيس روما. ولكنّه لم يعر أهمّيّةً لكلمة «حوالى» في نصّ لوقا الإنجيليّ الّذي كتب أنّ يسوع كان في حوالى الثلاثين من عمره حين بدأ رسالته العلانيّة (لوقا 3: 23). ومن المحتمل أنّه أخطأ بأربع سنواتٍ أو سبع سنوات. ولكن ليس لهذا الأمر أهمّيّة أساسيّة. فحتّى وإن كان يسوع قد ولِدَ قبل بضع سنوات، فإنّ حساب الزمن بحسب سنوات الربّ (anno Domini) يحتفظ بمعناه العميق: «عصر جديد بدأ مع يسوع.» (مقتبس من: Glaubensverkündigung für Erwachsene. Deutsche Ausgabe des Holländischen Katechismus, Original hollandais 1968).