:السؤال 129
«ما الّذي يجب أن نعتقده في شأن اعتراف الكنيسة بزواج المثليّين كما هو الحال في بعض الكنائس البروتستانتيّة؟».
الجواب: كي نشرح موقف الكنيسة من مسألة المثليّين نعطي هنا التصريحات الأساسيّة الواردة في التعليم المسيحيّ للبالغين.
«لا ينبغي خلط التنظيم القانونيّ للعلاقات المثليّة مع التقدير الأخلاقيّ للأفعال المثليّة. فالمثليّة ظاهرة لها عدّة مستويات. ونرى تمامًا إلى أيّ حدٍّ، في علم النفس والطبّ المعاصر، يثير موضوع الأبحاث ووصف المثليّة الجدل، كما تبيّن محاولة التمييز بين مختلف ظواهر المثليّة ووصفها انطلاقًا من أسبابها وتطوّرها أو درجة التأثير فيها ... وتبيّن مختلف الآراء في شأن أشكال المثليّة وتطوّرها أنّه يجب التمييز بين التوجّه إلى المثليّة والأفعال المثليّة. فالمثليّون أنفسهم يقرّون بأنّ التوجّه المثليّ مسار ينمو عبر مراحل متعدّدة ومختلفة حتّى تصير انجذابًا دائمًا إلى أشخاصٍ من الجنس نفسه. فأصحاب التوجّه المثليّ لم يختاروا بأنفسهم هذا الاستعداد (راجع تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة 2358). في الأبحاث العلميّة المكرّسة للدراسة ظاهرة المثليّة يُعتقَدُ أكثر فأكثر أنّ الشخص صاحب التوجّه أو الاستعداد المثليّ عاجز عن عكس توجّهه. ومن ناحيةٍ أخرى، عدد من العلماء الألمعيّين يشيرون إلى أنّ بعض العلاجات، في إطارٍ مناسب، تستطيع أن تخلق على المدى الطويل تغييرًا في التوجّه المثليّ.
مهما يمكن القول من وجهة النظر العلميّة عن التوجّه أو الاستعداد المثليّ، من الواضح أخلاقيًّا أنّ المثليّ ليس أقلّ مسؤوليّةً في أفعاله المثليّة من أفعال الشخص العاديّ في أفعاله الجنسيّة. ولهذا الأمر مدلوله لا في التفكير الأخلاقيّ الأساسيّ وحسب، بل أيضًا من ناحية تعريض الصحّة للخطر من خلال نقل إصابة النظام الدفاعيّ – الفيروس – وهو احتمال موجود في النشاطات الجنسيّة سواء كانت مثليّة أو طبيعيّة.
بالمقارنة مع اللامثليّة، تتضمّن المثليّة أخطارًا. فالبنية الجنسيّة البشريّة معمولة من أجل جنسانيّةٍ مزدوجة. والأفعال المثليّة تستبعد من ناحية المبدأ كلّ قطبيّةٍ جنسيّةٍ كاملة كإنجاب سلالة. فالعلاقة المثليّة تتضمّن عقمًا. من هذه الناحية، فإنّ المثليّ يختبر استعداده كآخر، حتّى وإن كان يتقبّل واقعه تدريجيًّا.
من ناحية نظام الخليقة ورسالة التكاثر الّتي أوكلها الله للرجل والمرأة، لا يمكننا اعتبار المثليّة توجّهًا جنسيًّا يكافئ التباينيّة الجنسيّة. فبحسب طريقة فهم الكتاب المقدّس، فإنّ المساحة الأصليّة للعلاقة الجنسيّة الكاملة هي الزواج بين الرجل والمرأة، والنواة الحيويّة للمجتمع البشريّ هي الزواج.
في زمن الكتاب المقدَّس، أدينت المثليّة بقسوة. ونرى سواء في العهد القديم أو العهد الديد أنّ العلاقات المثليّة لا يمكنها أن تتوافق مع المعنى الأصليّ للجنسانيّة البشريّة. وكان الّذين يمارسون المثليّة في إسرائيل – مهما كانت دوافعهم – يُطردون من الشعب (راجع لاويّين 18: 22؛ 20: 13). وفي العهد الجديد أعلن الرسول بولس أنّ العلاقة المثليّة هي علاقة تخالف الطبيعة (راجع روما 1: 15-27؛ 1 تيموثاوس 1: 10)، وأدانها مثل سائر السلوكيّات الجنسيّة المنحرفة.
وقادت المعرفة غير الكافية لأسباب المثليّة في الماضي إلى اضطهاد المثليّين وإدانتهم. واليوم، على أساس المعرفة الّتي لدينا عن منشأ المثليّة وتوجّهها، يجب رفض كلّ إهانةٍ موجّهة ضدّ شخصٍ له توجّه مثليّ. ومن ناحية الأخلاق، من المهم أن يبذل أصحاب التوجّه المثليّ الجهد كي لا تسيطر جنسانيّتهم عليهم، وأن يربطوها واعين بقيمٍ وأهدافٍ إنسانيّة. ويجب خصوصًا السهر على كرامتهم الشخصيّة، وألّا يستعملوا هذا التوجّه لإرضاء غرائزهم. عليهم أن يتفادوا تشكيك الآخر أو السعي لإغوائه. «فهؤلاء الأشخاص مدعوّون إلى تحقيق إرادة الله في حياتهم، وإذا كانوا مسيحيّين، فإنّهم مدعوّون إلى أن يوحّدوا الصعوبات الّتي قد يواجهونها بسبب حالتهم بذبيحة صليب الربّ » (التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة 2358).
في الحياة الاجتماعيّة، يتحمّل كلّ واحدٍ إظهار التفهّم تجاه أصحاب التوجّه المثليّ. فالإدانة والإهانات تدفعهم إلى حالٍ لا يُطاق وتزيد صعوبتهم في التواصل. المسيحيّون مدعوّون إلى تقديم مساعدة راعويّة للمثليّين. بيد أنّ الاعتراف الرسميّ بهم (الزواج المثليّ) ليس في متناول الشركاء المثليّين».