«كيف يصوّر الإيمان المسيحيّ الجنّة وجهنّم؟ إلامَ تشبه الحياة بعد الموت؟».

الجواب: «لا يفهم الكتاب المقدَّس وعقيدة الكنيسة من تعبير السماء مكانًا في الأعالي بالقرب من الملائكة فوق الغيوم. فالصور العديدة الّتي يستعملها الكتاب المقدَّس تعني: السماء هي الشراكة الأبديّة للإنسان مع الله. وسوف نتأمّله ونكون سعداء معه ومملوئين بالمحبّة والفرح والسلام وفي شراكةٍ مع بعضنا بعضًا داخل جماعةٍ صالحة تمامًا.

فالله يريد أن يقود خليقته والتاريخ كلّه إلى المجد بعد أن ينقّيهما ويحوّلهما ويجدّدهما في العمق. الله يريد أن يكافئنا على أفعالنا الصالحة، وقد تمّت بتأثيرٍ من النعمة. وهكذا هناك درجات للسعادة، كما أنّ هناك أوعية مختلفة الأحجام – وكلّها مملوءة: ففي السماء سيجد كلّ واحدٍ ملء قدرته على السعادة.

أمّا عقيدة جهنّم، أفلا تتعارض مع رحمة الله الرحمن الرحيم؟ لا شكّ في أنّ يسوع أكّد عقيدة العهد القديم: هناك خطايا تجعلنا نغوص في الشرّ بحيث تجعلنا ننفصل نهائيًّا عن الله. على الإنسان أن يختار بين الحياة والموت. والله يحترم حرّيّته حتّى نتائجها النهائيّة. والكنيسة تعلن عقيدة جهنّم على أنّها إمكانيّة حقيقيّة. وهي تريد أن تبيّن بهذا لكلّ واحدٍ وبوضوح مدى أفعاله، وأن تقوده إلى الخلاص. ولا يقول الكتاب المقدّس لنا شيئًا هل هناك في نهاية الأزمنة أشخاص محكوم عليهم إلى الأبد. ولكنّها تقول إنّ جهنّم هي الانفصال الأبديّ عن الله، عمّا هو حياتنا.

لحسن الحظّ أنّ الإثم الثقيل بطريقةٍ لا توصف هو وحده يفصل عن الله. ومع ذلك علينا أن نقرّ: نحن لا نجد أنفسنا بدون شكٍّ أنقياء بلا دنسٍ أمامه حين سيدعونا. فيمكننا أن نعتبر منحنا إمكانيّة التنقية والتعويض علامةً على الرحمة الإلهيّة. فنحن «أنفس بائسة»، لأنّنا لا نستطيع أن نسعى إلى خلاصنا بقوانا الشخصيّة، لأنّ نار الحبّ الإلهيّ تشعرنا بالأبم بسبب خطايانا (ومن هنا يأتي مفهوم المطهر، مكان التطهير). ولكنّنا في الآن نفسه أغنياء، لأنّنا بالتطهير ننتمي إلى الله وإلى جماعة القدّيسين، ويمكننا أن نشعر بأنّ صلاة الكنيسة للموتى تحملنا، ويمكننا أن نقدّم نحن أيضًا صلوات شفاعة.

باختصار: السماء هي الله الّذي ننضمّ إليه للأبد؛ وجهنّم هي الله الّذي فقدناه للأبد؛ والمطهر هو الله الّذي ننتظره متألّمين في حين أنّه ينقّينا ويقدّسنا.