«لماذ انتشرت المسيحيّة في أوروبا في حين أنّها ولدت في الشرق الأوسط؟».

الجواب: ينتهي إنجيل متّى بالرسالة الشاملة الّتي أوكلها القائم من بين الأموات للأحد عشر: «فَدَنا يسوعُ وكَلَّمَهم قال: إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم» (متّى 28: 18-20).

ووفاءً لهذه الرسالة، حمل الرسل والأجيال المسيحيّة الأولى إيمانهم إلى جميع أرجاء العالم. فتأسّست مبكّرًا جماعات مسيحيّة وكنائس في آسية وأفريقيا وأوروبا. كان مركز ثقل العالم المسيحيّ حوض البحر الأبيض المتوسّط، بما فيه أفريقيا الشماليّة والشرق الأدنى والأوسط حتّى انتشار الإسلام. وهيمن الإسلام على عدد من الجماعات المسيحيّة والكنائس بسبب توسّع رقعة الخلافة الإسلاميّة، فصار المسيحيّون ذمّيّين (أي على ذمّة الإسلام).

وتحوّلت الغالبيّة المسيحيّة تدريجيًّا إلى أقلّيّة، وتناقص عدد المسيحيّين باستمرارٍ في البلدان الإسلاميّة، بطريقةٍ مأساويّة في بعض الأحيان. وبعد عدّة قرون، انقل مركز ثقل المسيحيّة إلى أوروبا الغربيّة والشرقيّة، وانتشرت المسيحيّة من هناك، خصوصًا في القرن الخامس عشر، إلى أجزاء أخرى من العالم.

إنّ المسيحيّة موجودة اليوم في القارّات الخمس، أي في العالم أجمع. وغالبيّة المسيحيّين يعيشون في النصف الجنوبيّ للكرة الأرضيّة، في أمريكا اللاتينيّة وأفريقيا وأوقيانوسيا. وفي حين أنّ المسيحيّة الأوروبيّة في تراجع مستمر، فإنّ عدد مسيحيّين نصف الكرة الجنوبيّ في تزايد. وهكذا فإنّ شكل المسيحيّة يتحوّل باستمرار وبشكلٍ حاسمٍ على المستوى العالميّ.