«لماذا لعن يسوع التينة؟ ما هي الخطيئة الّتي يمكن أن ترتكبها شجرة؟»

الجواب: يمكن إعطاء الجواب على مرحلتين:

1- معنى الأفعال الرمزيّة لدى الأنبياء.

إنّ أنبياء الكتاب المقدَّس القدماء كصموئيل (1 صموئيل 15: 27-28)، وأحيّا (1 ملوك 11: 29-39) أو حتّى النبي صدقيّا الكاذب (1 ملوك 22: 11-12)، أتمّوا أفعالًا رمزيّة ترافق بشارتهم، لا لممارسة مزيد من الضغط على مستمعيهم، بل بسبب المفعول القويّ لهذه الرموز: فهي تخلق علاقة حقيقيّة بين العمل الرمزيّ والحقيقة الّتي يُرمَز إليها، بحيث تصير الحقيقة المعلنة دامغة بقدر ما هو الفعل الرمزيّ الّذي تمّ. نجد هذه الطريقة لدى جميع كبار أنبياء العهد القديم تقريبًا: فعلى سبيل المثال، فإنّ كلّ رسالة النبي هوشع تتميّز بالعمل الرمزيّ الّذي يحدّد مصير حياته (هوشع 1-3)؛ وهو أوضح عند أشعيا، فيمكن مراجعة أشعيا 20 والأسماء الرمزيّة الّتي يطلقها على أولاده (راجع أشعيا 7؛ 3؛ 10: 21؛ 8: 1-4؛ 8؛ 18). ويقوم إرميا أو يستند إلى عددٍ من الأفعال الرمزيّة؛ كما يقوم حزقيال أيضًا بأفعالٍ رمزيّة. وكما هو الحال مع هوشع، فهو يشرح محنه كأحداث رمزيّة. وهناك أيضًا أحداث رمزيّة في العهد الجديد كالتينة الّتي لعنها يسوع (متّى 21: 18-19؛ مرقس 11: 12-14، 20-24).

2- رواية لعن يسوع للتينة.

كما هو حال أنبياء الماضي، قام يسوع بفعلٍ رمزيّ تمثّل التينة فيه شعب إسرائيل الّذي يُعاقَبُ لأنّه عقيم. فالتينة تنمو بشكلٍ حسن حتّى في الأرض الحجرة، بفضل ريٍّ كافٍ وقليل من السماد؛ والتينة العقيمة عار.

فالمسألة هنا ليست لعن شجرة وكأنّها تتمتّع بحرّيّة. ولا لوم الّذين لم يعتنوا بها كما يجب. فالمهم هنا، كما في كلّ الأفعال الرمزيّة، هو معنى الرمز. في هذه الحالة، تتعلّق المسألة بنقص الإيمان الحقيقيّ لدى مستمعي يسوع. ويبيّن نصّ إنجيل متّى يسوع قديرًا بحزمٍ.

إنّ قراءة المقاطع الموازية في إنجيل مرقس (مرقس 11: 12-14؛ 20-24) تبيّن كيف أدرج الكاتب لاحقًا هذا الحدث في إطارٍ معيّن ويتمّ على مرحلتين: أوّلًا اللعن، ثمّ الجفاف – إضافة لاحقة تريد أن تستخلص من هذه اللعنة درسًا عن مفعول الصلاة.