:السؤال 65
«ما الّذي يعتقده المسيحيّون المؤمنون بمجيء المسيح في آخر الأزمنة؟ هل سيأتي لجميع الناس أم للمسيحيّين فقط؟ هل من علماء مسلمين يعتقدون بأنّ يسوع سيترأس الدينونة في نهاية الزمنة؟».
الجواب: من الأفضل أن يجيب المسلمون أنفسهم عن هذا السؤال. وسنشير هنا إلى بعض المعطيات المستلّة من الكتابات الأساسيّة في الإسلام: القرآن الكريم والحديث الشريف:
إنّ نقطة انطلاق العقيدة الإسلاميّة حول عودة عيسى في نهاية الأزمنة هي سورة النساء:
« وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)» (النساء 157-159).
ويشرح عادل تيودور خوري الآية 159: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ: يعني اليهود والمسيحيّين. والإعلان يرتبط بموت كلّ يهوديٍّ ومسلم؛ فقبل موتهم سيؤمنون بعيسى وبحقيقته: إنّه المسيح حقًّا، رسول الله (وهذا يخصّ اليهود: راجع أعلاه: النساء 157)، أو إنّه ليس ابن الله بل عبده (وهذا يخصّ المسيحيّين: النساء 171-172).
وهذا يجري وكأنّه في آخر لحظةٍ من الحياة، وبدعوةٍ من الملائكة الّذين يتوكّلون بنفوس المنازعين أو بعد الموت، حين يفوت الأوان. وتفسير آخر ينسب هاء الضمير (موته) إلى عيسى: قبل أن يموت عيسى، وهنا بدون شكٍّ في نهاية الأزمنة بعد عودته، يجد فيه كلّ اليهود والمسيحيّين الّذين لا يزالون على قيد الحياة الإيمان الحقيقيّ.
ويقول القرآن: « وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» (سورة النحل 89؛ راجع النحل: 84). وهكذا سيشهد عيسى على اليهود الّذين لم يؤمنوا به، والمسيحيّين الّذين آمنوا به إيمانًا ضالًّا.
بحسب التقليد الإسلاميّ (خصوصًا الأحاديث ضعيفة الإسناد)، سينزل عيسى في نهاية الأزمنة إلى الأراضي المقدّسة. وسيكون مسلمًا صحيحًا؛ فيقتل المسيح الدجّال ويؤدّي في القدس صلاة الفجر في صفوف المسلميم وراء الإمام، وسيفني كلّ ما يخالف الشريعة الإسلاميّة، فيقتل الخنزير ويحطّم الشارات والأشياء والمباني الّتي لا تتوافق والإسلام الحنيف (كالصلبان والكنائس ومجامع اليهود). وسيشهد على اليهود والمسيحيّين، ويقتل النصارى الّذين لم يهتدوا إلى الإسلام.
ثمّ سيملك على مملكةٍ موحّدة، وسيكون ملكًا عادلًا ويُحِلُّ السلام في الخليقة أربعين سنة. ولكي يكون شبيهًا تمامًا بالأنبياء الآخرين، سيتزوّج وينجب أولادًا. ثمّ سيموت ويُدفَنُ في المدينة بجانب محمّد والخلفاء الأوّلين أبا بكر وعمر. وأخيرًا تدقّ ساعة الدين. وسيدين الله العالم ويحدّد بقدرته مَن سيكون محاميًا عن البشر. وعيسى من بين المُنعَمٍ عليهم، لأنّ القرآن يعدّه من المقرَّبين في الدنيا والآخرة (آل عمران 45)، أي رسولًا على الأرض ومحاميًا يوم الدين.
بالإضافة إلى ذلك، سيشهد عيسى في القيامة على أهل الكتاب (النساء 159)، أي لن يشهد على المسلمين أو غير أهل الكتاب (راجع حول الأحاديث عن هذا الموضوع: إبن كثير، تفسير القرآن). وكما قلنا، هناك فوارق شاسعة بين مسلمي الماضي والحاضر في شأن مصداقيّة (إسناد) هذه الأحاديث كما يرويها ابن كثير (حوالى 1300-1373). وكثير من هذه الروايات موجودة في الدراسة الشعبيّة والمثيرة للجدل: (Muhammad Atāur-Rahïm und Ahmad Thomson, Jesus, Prophet of Islam. London: Ta-Ha Publishers, 1996, p. 271-278).