«من هي العذراء السوداء؟».

الجواب: لا شكّ في أنّ المقصود هو عذراء تشيستوخوفا، أي صورة مريم مرسومة على لوحة من خشب التيّول، الموجودة في مكان الحجّ المريميّ الشهير بكراكوفيا ببولونيا. ولعلّ الصورة صارت معتمة مع مرور الزمن، بسبب دخان الشموع الّتي تحيط بهذه الصورة العجائبيّة داخل الكنيسة.

في السنة 1382، أسّس الأمير لادسلاوس فون أوبلن على قمم ياسنا غورا ديرًا وقدّم له في السنة 1384 صورةً من أصلٍ روسيّ لمريم مع الطفل؛ وقد رُسِمَت على خشب تيّول وبألوانٍ ترابيّة وبشكل أيقونةٍ بيزنطيّة (السيّدة السوداء). ونما دير ياسنا غورا في القرن الخامس عشر وصار أشهر مكان حجٍّ في بولونيا. وفي القرن السابع عشر تمّ فيه تكريم مريم كملكة بولونيا.

في الإيمان الكاثوليكيّ، لإكرام أم يسوع أساسٌ متينٌ في العهد الجديد نفسه. فمريم في نظر المسيحيّة الأورثوذوكسيّة والكاثوليكيّة هي صورة رمزيّة للإيمان. فيها نستطيع أن نرى الإنسان الجديد الّذي يسرّ الله بفضل تجسّد الله في يسوع المسيح. ففي لوقا 1: 42- 46 نشيدٌ يكرّم مريم بسبب اختيارها الخاصّ وجوابها المؤمن (لوقا 1: 38)، أي استعدادها البتوليّ لاستقبال كلمة الله لا في جسدها وحسب بل في قلبها أوّلًا. بهذه الأمومة المزدوجة صارت في الكنيسة (يوحنّا 19: 27؛ أعمال الرسل 1: 14) صورةً أصليّة وفي الآن نفسه مدافعة ومرشدة (يوحنّا 2 : 3- 5) لكلّ مَن يسمعون كلمة الله فيستقبلونها ويتأمّلوها (لوقا 2: 19، 51) ويطيعوها بحيث يتّخذ المسيح فيهم جسدًا ويصيروا  به أبناء الله (غلاطية 9: 14).

وقد سمح مجمع نيقيا الثاني (787) بإكرام أيقونات العذراء مع أيقونات المسيح، ولكنّه ميّز تمامًا الإكرام عن العبادة، فالعبادة هي لله وحده.