« هل الطلاق ممنوع ندكم أنتم المسيحيّين؟ إذا لم يعد الحبّ بين شخصين موجودًا، أليس ترك هذَين الشخصَين يتساكنا تعذيبًا؟ إذا كانت ديانتكم تمنع الطلاق، كيف تفسّرون ارتفاع نسبة الطلاق في أميريكا وأوروبا؟ فالصحف تقول إنّ زواجًا من اثنين في هذه البلاد يفشل».

 الجواب: إنّ الحبّ الزوجيّ يتمّ، بحسب المفهوم المسيحيّ، في الوفاء طوال الحياة. وبه يُعاش التوجّه المباشر للشريكَين الواحد نحو الآخر والالتزام المتبادل للواحد بالآخر، التزام لن يرتبط بالظروف المتغيّرة.

فالواحد يتعلّق بالآخر مهما حصل. وهذا الموقف يمثّل نمطًا ساميًا من من أنماط مسؤوليّة الأشخاص تجاه بعضهم بعضًا، وعلامةً جليّة على المؤازرة الّتي يستطيع البشر أن يقوموا بها تجاه أقرانهم إذا تركوا الله يساعدهم حقًّا وبمقدار ما يفعلون ذلك. ففي حياةٍ تستلهم من هذا الوفاء يصير الزواج شفّافًا لمحبّة الله الّذي عبّر عن النعَم غير المشروط للبشر والعالم في يسوع المسيح.

بحسب الإيمان الكاثوليكيّ، الزواج سرّ وعهد يظهر فيه وبطريقةٍ خاصّة حبّ يسوع المسيح لكنيسته (اقرأ أفسس 5: 21-23). فقد منح المسيح نفسه لكنيسته بتجسّده وموته وقيامته، وضحّى بنفسه لأجلها. ولا يمكن فهم الزواج وعيشه بشكلٍ مقدَّسٍ إلّا في هذا السرّ. إنّه نمط للاقتداء بالمسيح.

الزوجان المسيحيّان يعرفان أنّهم يدخلان بعهدهما في حبّ المسيح ووفائه لكنيسته، وأنّهما ينالان في سرّ الزواج قوّة الاستمراريّة في عهد الوفاء. هذا العهد تعهّد بالثقة المتبادلة، ومسار قد يخفق فيه الحبّ أيضًا ويخطئ ويصيبه الملل. لكنّ هذا ليس سببًا يدفع المسيحيّ إلى التخلّي. فحتّى حين يترك أحد الشريكَين الحياة الزوجيّة، يظلّ الآخر مرتبطًا بالوفاء لشريطه. إنّه يستطيع أن يتحمّل عزلته بوعيٍ وإيمانٍ اقتداءً بالمسيح ومشاركةً معه في درب صليبه.

كتب مجمع أساقفة ألمانيا في شأن الزواج والأسرة اللذَين يُعاشا مسيحيًّا:

«حين يرتبط الزوجان حتّى الموت فإنّهما يقدّمان لبعضهما بعضًا في حميميّتهما اليوميّة محبّة المسيح الّتي لا شيء يفصلها (رومة 8: 35). في هذا الوفاء الّذي يشمل الحياة كلّها، فإنّ ملء الوجود المسيحيّ يظهر في الإيمان بالقيامة الّذي يتضمّن قيامة الشريك، والرجاء الّذي يرجوه للآخر حين يعتمد على المسيح، والمحبّة الّتي تتعلّق بالآخر، لأنّه قادر على استقبالها في محبّة المسيح».

إنّ مساعدة الكاهن الأخويّة ضروريّة في أوقات الأزمة والفشل.