:السؤال 16
« ورد في الكتاب: «بهذه الطريقة على مؤمني مختلف الديانات أن يبذلوا الجهد، قدر حين يكون ممكنًا، كي يدلوا بشهادةٍ مشتركة للإيمان، وحتّى في السعي الحقيقيّ وراء اوحدة، في خضوعٍ متواضعٍ لمشيئة الله» (فصل: تعدّديّة الأديان، المسيحيّون يجيبون، نهاية الفقرة الأولى). أريد أن أسأل الكاتب: كيف يستطيع أشخاص يعلّمون أشياء مختلفة تمامًا أو حتّى مخالفة لله، ويؤمنون بعدّة آلهة، أن يشكّلوا وحدةً؟ وحتّى بدون هذا، كيف يخضعون لعقيدةٍ ليست موحَّدة، وحتّى متناقضة مع ذاتها؟ ما هو قوام الوحدة الحقيقيّة؟».
الجواب: بحسب العقيدة الكاثوليكيّة، «كلّ الشعوب جماعة واحدة ولها أصل واحد لأنّ الله هو الّذي أسكن الجنس البشريّ بأسره على وجه الأرض كلّها؛ ولهم غاية أخيرة واحدة وهي الله الّذي يشمل الجميع بعنايته وشهادة جودته وتصاميم خلاصه (اقرأ الحكمة 8: 1؛ أعمال الرسل 14: 7؛ رومة 2: 6-7؛ 1 طيموثاوس 2: 4) إلى أن يتّحد المختارون في المدينة المقدّسة الّتي سينيرها مجد الله وستمشي الأمم هناك في نوره (اقرأ أعمال الرسل 21: 23 وما يليها)» (بيان حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحيّة، الفاتيكاني الثاني، الرقم 1، الفقرة 2).
وبالنسبة إلى الإيمان بالله، فإنّ المجمع نفسه يقول في التصريح نفسه، في الرقم 3: «وتنظر الكنيسة بعين الاعتبار أيضًا إلى المسلمين الّذين يعبدون الإله الواحد الحيّ القيّوم الرحيم الضابط الكلّ خالق السماء والأرض المكلّم البشر». هل لا يعني إطلاقًا أنّه لا توجد فوارق أساسيّة بين الإسلام والمسيحيّة في العقيدة حول الله.
إنّ إله الإيمان المسيحيّ هو إله الكتاب المقدَّس والإله الّذي كشفه يسوع. إنّه إله واحد وثالوث، إله عقيدة الكنيسة. بيد أنّ العلاقة مع الإله الواحد توحّد المسيحيّين والمسلمين، وكذلك إرادة إتمام مشيئة الله. فنحن المسيحيّين لم ننل كفاءةً ولا قدرةً كي نقول بيقينٍ تامٍّ هل تعلّم كائن بشريّ كيف يعرف عن وعي إله الوحي المسيحيّ، ومتى تعلّم ذلك، وهل رفض ذلك ع هذا كلّه وبحرّيّةٍ ومسؤوليّة. فالله وحده يعرف قلب الإنسان.
إنّ عقيدة الكنيسة الكاثوليكيّة تفترض أنّ الله يريد خلاص كلّ كائنٍ بشريّ، وأنّ الكائن البشريّ لا يُحرَمُ من عرض الخلاص هذا إلّا حين يرفض بحرّيّةٍ ووعيٍ عرض محبّة الله في المسيح.
إنّ يسوع المسيح هو حقًّا طريق الخلاص الوحيد. لكنّ هذا الخلاص يتحقّق أيضًا خارج المؤسّسة الكنسيّة والمعموديّة. فالصدّيقون والّذين يفتّشون عن الله بصدقٍ يستفيدون من الخلاص الأبديّ بفضل عمل المسيح الخلاصيّ، حتّى وإن لم يعرفوا ذلك. (تأمّل متّى 25: 13 وما يليها، الدينونة الأخيرة). فالصدّيقون التقوا المسيح بالفقراء والمسجونين، إلخ، من دون أن يعرفوه. راجع أيضًا نصّ الدستور العقائديّ في الكنيسة الرقم 16.
«وأيضًا أولئك الّذين، دون خطأ منهم، يجهلون إنجيل المسيح وكنيسته، إنّما يفتّشون عن الله بنيَّة صادقة، ويجتهدون في أن يكملوا بأعمالهم إرادته، الّتي تُعرَف لديهم، من خلال أوامر ضميرهم، هم أيضًا يبلغون إلى الخلاص الأبديّ» أعِد أيضًا قراءة الفصل 11، III، 4-6 في الكتاب.